مقابلة تحريرية يجريها مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي مع جريدة الأهرام
2020-01-08 16:36

1. أهلا وسهلا بكم في مصر، نود أن نعرف أولا سبب زيارتكم للقاهرة الآن، والموضوعات الرئيسية التي ستناقشونها مع كبار المسؤولين المصريين.

أنا سعيد جدا بزيارة مصر في بداية العام الجديد، وهي المحطة الأولى لجولتي الخارجية الأولى في عام 2020. يكون كل من الصين ومصر صاحب حضارة عريقة، وتضرب الصداقة بينهما بجذورها في أعماق التاريخ. تكون مصر أول دولة عربية وإفريقية أقامت العلاقات الدبلوماسية مع الصين الجديدة. منذ تبادل التمثيل الدبلوماسي قبل أكثر من 60 عاما، ظل شعبا البلدين يتبادلان الفهم والثقة والدعم، وصمدت العلاقات الصينية المصرية أمام اختبار التغيرات الدولية وأصبحت نموذجا للعلاقات بين الدول النامية. ظلت الصين تولي اهتماما بالغا للصداقة التاريخية والتعاون الودي مع مصر الشقيقة. في السنوات الأخيرة، التقى الرئيس شي جينبينغ مع الرئيس عبدالفتاح السيسي عدة مرات وتوصلا إلى توافقات مهمة وواسعة النطاق، ووضعا خطط مستقبلية للعلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين. بفضل العناية المشتركة والقيادة القوية من الرئيسين، أقامت الصين ومصر علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وعملتا على تطويرها بشكل مستمر، حيث ترسخت الثقة السياسية المتبادلة، وحقق التعاون العملي نتائج مثمرة، وشهد التواصل الشعبي نقاط ساطعة، وتعززت الصداقة الشعبية باطراد.

جاءت زيارتي هذه في إطار تنفيذ التوافقات المهمة بين رئيسي البلدين، ومواصلة الارتقاء بعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين إلى مستوى أعلى. خلال الزيارة، سألتقي مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأجري مع وزير الخارجية سامح شكري جولة جديدة من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية، حيث سنتبادل وجهات النظر على نحو معمق حول تخطيط ودفع العلاقات الثنائية وتعزيز المواءمة بين "الحزام والطريق" و"رؤية مصر 2030" وتعميق التعاون العملي في كافة مجالات وتعزيز التواصل والتنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية.

2. هل يشهد العام الجديد مزيدا من التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر والصين، وبخاصة في مشروعات محور قناة السويس، وفي مشروع العاصمة الإدارية؟

شهد التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين تقدما مستمرا في السنوات الأخيرة وعاد بفوائد ملموسة على شعبي البلدين. يشهد حجم التبادل التجاري بين البلدين نموا مستقرا منذ تجاوزه عتبة 10 مليارات دولار أمريكي لأول مرة في عام 2013، وبلغ 13.8 مليار دولار في عام 2018، الأمر الذي جعل الصين أكبر شريك تجاري لمصر. تلتزم الصين بسياسة الانفتاح على الخارج، مستعدة للعمل مع دول العالم على بناء اقتصاد عالمي منفتح يتسم بالابتكار والشمولية. في هذا السياق، أقامت الصين المعرض الدولي للاستيراد في العامين الماضيين المتتاليين، وشاركت مصر فيه بنشاط وحضرت الدورة الأولى للمعرض كضيف الشرف. في الوضع الحالي، يرفض كل من الصين ومصر بكل وضوح الحمائية التجارية، وتلتزمان بحزم بنظام التجارة المتعددة الأطراف، وتدافعان عن التجارة الحرة بخطوات ملموسة.

طبعا، لا يقتصر التعاون بين البلدين على التبادل التجاري، بل يتقدم التعاون في مجالات الاستثمار والطاقة الإنتاجية والبنية التحتية والمالية بخطوات متزنة. تشجع الحكومة الصينية الشركات الصينية على المشاركة النشطة في المشروعات الوطنية والاستراتيجية بمصر لدعم تنميتها الاقتصادية، بما فيه محور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، باعتبارهما مشروعين استراتيجيين هامين. تقع منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر بالتحديد في منطقة السويس الاقتصادية، ويتطابق النمط التنموي والتشغيلي لهذه المنطقة مع استراتيجية محور قناة السويس بدرجة عالية، تساهم الشركات الـ60 الموجودة في المنطقة في توفير عدد كبير من فرص العمل ورفع مستوى مصر في الإنتاج الصناعي، حيث يباع كثير من منتجاتها لأوروبا وإفريقيا، وذلك لا يجلب العملات الأجنبية فحسب، بل يشكل توظيفا كاملا لميزة مصر الجغرافية التي تربط بين القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا. تحظى الشركة الوطنية الصينية للبناء التي تقاول مشروع منطقة الأعمال المركزية للعاصمة الإدارية الجديدة بتقدير جميع الأوساط المصرية، سواء كان من حيث قدرتها التنفيذية أو مستواها الفني، كما استخدمت هذه الشركة عددا كبيرا من الشركات الهندسية المحلية والعمال المحليين والمواد المحلية، مما رفع مستوى التقنيات الهندسية لمصر. أما بالنسبة لمشروعات الشبكة الوطنية لنقل الكهرباء ومترو مدينة العاشر من رمضان ومحطة بنبان لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية وغيرها من المشاريع المعيشية في مجالات الكهرباء والمواصلات، فقد تم إنجاز وتشغيل بعض منها، ويتقدم البعض الآخر بخطوات متزنة.

تحدوني الثقة بأن عددا متزايدا من الشركات الصينية ستشارك في التنمية الاقتصادية المصرية، مع تطور التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين على نحو معمق ومستمر، بما يساعد مصر على تحقيق التنمية الوطنية والنهضة القومية.

3. ما هي أبرز المجالات التي ستستثمر فيها الصين أموالها في مصر؟

في السنوات الأخيرة، وفي ظل التقدم المعمق والمستمر للتعاون الصيني المصري في بناء "الحزام والطريق"، حقق البلدان مواءمة فعالة للاستراتيجيات التنموية وتطورا مطردا في التعاون الاستثماري. لغاية اليوم، قد استثمرت الشركات الصينية أكثر من 7 مليارات دولار أمريكي في مصر، وسجلت أكثر من 1560 شركة، وخلقت أكثر من 30 ألف فرصة عمل، تشمل مجالات عديدة مثل الطاقة والبنية التحتية والتصنيع والزراعة والتعدين. على هذا الأساس، ستعمل الصين على زيادة استثمارها في مصر وتوسيع مجالاته وفقا لمبدأ المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، مع تلبية حاجات مصر الواقعية. كما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي في الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي المنعقدة في إبريل الماضي إن المجالات التي تركز عليها مبادرة "الحزام والطريق" تمثل بالضبط الأولوية الواردة في "رؤية مصر 2030"، وثمة تطابق تام بين مبادرة "الحزام والطريق" واتجاه مصر المستقبلي. في المستقبل، ستضخ الصين الاستثمار كالمعتاد في المجالات التنموية الرئيسية لمصر، ومن المتوقع أن يصبح بعض القطاعات الناشئة ذات التكنولوجيا العالية نقاط النمو الجديدة للتعاون الثنائي، مثل الطاقة الجديدة والسيارة الكهربائية والفضاء والاتصالات، الأمر الذي سيوفر قوة دافعة جديدة للتعاون الصيني المصري في بناء "الحزام والطريق".

4. هل توجد أي معوقات ومشكلات تعترض عمل رجال الأعمال الصينيين أو الشركات الصينية في مصر، أو تمنع ضخ مزيد من الاستثمارات الصينية إلى مصر؟ وما هي هذه المشكلات؟

من المعروف أن بيئة أعمال مواتية لها تأثير مهم جدا على استثمار الشركات. تتمتع الصين ومصر بمزايا طبيعية في تهيئة بيئة الأعمال، وهي العلاقات المتميزة والصداقة المتينة بين البلدين حكومة وشعبا. على هذا الأساس، بذل الجانبان جهودا مشتركة كبيرة لتعزيز التعاون الاستثماري. يشجع الجانب الصيني الشركات الصينية على الاستثمار ومزاولة الأعمال في مصر، في الوقت نفسه، يهتم بإرشاد هذه الشركات للالتزام بالقوانين واللوائح المحلية وتحمل المسؤولية الاجتماعية المطلوبة. من جانبه، يعمل الجانب المصري على تحسين البيئة الاستثمارية في السنوات الأخيرة، وأصدر قانون الاستثمار الجديد وغيره من السياسات والقوانين. بفضل جهودنا المشتركة، تتحسن بيئة الأعمال للشركات الصينية في مصر باستمرار، وتزداد ثقتها للاستثمار في مصر.

أود أن أؤكد على أن بعض الدول لا يدخر جهدا في الفترة الأخيرة في تشويه صورة الشركات الصينية التي تستثمر وتزاول الأعمال في الخارج وخاصة في إفريقيا، ويتخذ كل سبل متاحة لعرقلة التعاون بين الصين والدول الإفريقية. نرفض قاطعا هذه التصرفات التي لا تقوم على أي أساس من الصحة وتحمل مآرب خبيثة، وستقاطعه بلا شك الدول الإفريقية الغفيرة. ما يثلج صدورنا أن هذه الحيل الدنيئة فشلت فشلا مدويا في مصر، إذ ترحب مصر حكومة وشعبا باستثمار الشركات الصينية وتشكر بصدق على ما أتى به من التكنولوجيا وفرص العمل، وتتطلع بشغف أن يساهم التعاون العملي الصيني المصري بشكل أكبر في التنمية الاقتصادية المصرية. يكتسب هذا الموقف المصري العادل والإيجابي أهمية كبيرة في تعزيز ثقة الشركات الصينية بالسوق المصرية.

5. شهدت السنة الماضية زيادة ملحوظة في عدد السائحين الصينيين القادمين إلى مصر، إلى نصف مليون سائح، ولكن ما زال هذا العدد ضئيلا للغاية إذا ما قورن بوجود الصينيين على رأس قائمة السائحين العالميين، أو بالأعداد التي تزور دولا أخرى مثل كوريا الجنوبية؟ هل توجد أفكار لديكم أو لدى الجانب المصري لزيادة هذا العدد مستقبلا؟

تكون مصر بلدا سياحيا كبيرا، تمتلك موارد سياحية وافرة. تمثل السياحة إحدى ركائز مصر الرئيسية، ويعد التعاون السياحي جزءا مهما للتعاون العملي بين الصين ومصر. بالفعل، يزداد عدد السائحين الصينيين إلى الخارج باستمرار في السنوات الأخيرة، خاصة إلى بعض الدول المجاورة للصين، في الوقت نفسه، بدأوا توجيه أنظارهم إلى بعض المقاصد السياحية الأبعد جغرافيا والأكثر تميزا، وتكون مصر واحدة منها، حيث تجاوز متوسط معدل النمو السنوي لعدد السائحين الصينيين القادمين إلى مصر في السنوات الثلاث الأخيرة 30%، وهو رقم معتبر يفوق معدل النمو السنوي لعدد السائحين الصينيين إلى الخارج بقدر كبير، ذلك يعكس الإمكانية الكامنة الهائلة التي يتمتع بها التعاون السياحي بين البلدين. سيواصل الجانب الصيني تشجيع السائحين على السفر إلى مصر، كما يأمل من الجانب المصري زيادة الترويج في السوق الصينية وضمان سلامة السائحين وتوفير خدمات ميسرة. نرحب بالهيئات والشركات المصرية لترويج الموارد السياحية المصرية في الصين. يمكن للجهات المختصة لدى الجانبين البحث في إقامة عام سياحي في الجانب الآخر، بما يوفر قوة دافعة أكبر للتعاون السياحي بين البلدين ويجذب المزيد من السائحين الصينيين إلى مصر.

6. تشهد المحافل الدولية المختلفة من بينها الأمم المتحدة ومجلس الأمن تعاونا وتنسيقا مستمرا في الكثير من القضايا الدولية. في هذا الإطار، ما هي رؤية الصين لدعوة الرئيس السيسي الأخيرة لإصلاح مجلس الأمن؟

تربط بين الصين ومصر، باعتبارهما دولتين ناميتين كبيرتين، مصالح مشتركة واسعة النطاق في دفع دمقرطة العلاقات الدولية وإصلاح النظام الدولي للحوكمة. يبقى البلدان دائما على التعاون المتميز في الأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية، خاصة في مجلس الأمن، سعيا لصيانة التعددية والنظام الدولي القائم على الأمم المتحدة والحفاظ على المصلحة المشتركة للدول النامية. فيما يتعلق بقضية إصلاح مجلس الأمن الدولي، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أكثر من مرة على ضرورة تصحيح الظلم التاريخي لإفريقيا. نؤيد ذلك تماما، ونعتقد دائما أن زيادة التمثيل والصوت للدول النامية وخاصة الدول الإفريقية تمثل الاتجاه الصحيح الوحيد لإصلاح مجلس الأمن، حرصا على بذل جهود مشتركة مع مصر وغيرها من الدول الإفريقية الصديقة في المفاوضات الحكومية للجمعية العامة حول إصلاح مجلس الأمن الدولي وغيرها من المحافل، بما يدفع الإصلاح نحو اتجاه يتفق مع المصالح المشتركة الدول النامية بخطوات متزنة.

7. هل ستكون للشركات الصينية نصيب الأسد في عملية إعادة إعمار سورية في المرحلة المقبلة بالتنسيق مع السوريين والروس، أم أن الصين تفضل الابتعاد عن تلك المنطقة في الوقت الحاضر لأسباب سياسية؟

فيما يتعلق بالملف السوري، يدعو الجانب الصيني دائما إلى دفع عملية إعادة الإعمار بالتزامن مع الالتزام بالحل السياسي ومكافحة الإرهاب على نحو شامل، بما يوفر ضمانا أساسيا لتحقيق الأمن والأمان الدائمين لسورية والسعادة والرفاهية للشعب السوري. منذ اندلاع الأزمة السورية، قدم الجانب الصيني مساعدات إنسانية كثيرة للشعب السوري، وأقام دورات دراسية بشأن إعادة الإعمار، ودعم سورية في إعادة إعمار بخطوات ملموسة. يدعم الجانب الصيني مشاركة الشركات الصينية في إعادة إعمار سورية، ونحرص على التشاور والتعاون مع كافة الأطراف في هذه العملية. ليس لدينا إلا هدف واحد وهو استعادة دار مستقر ومزدهر للشعب السوري. تتطلب هذه العملية تضافر الجهود الدولية، لكن للأسف، يقوم بعض الدول بالتدمير بدون التعمير، بل يعمل دائما على فرض شروط مسبقة على هذه العملية وتسييس إعادة الإعمار، حتى يعرقل الدول الأخرى للمشاركة فيها باستخدام ما يسمى بالعقوبات الأحادية والاختصاص الطويل الذراع. نحث هذه الدول على تغليب مصلحة الشعب السوري وتحمل المسؤولية المطلوبة والمساهمة بطاقة إيجابية للسلام والاستقرار والتنمية في سورية والمنطقة.

8 . س: على الرغم من تزايد التصعيد في منطقة البحر الأبيض المتوسط بسبب الانتهاكات التركية للسيادة الليبية ولثروات الغاز في المنطقة، ما هي اعتبارات الصين حيال ذلك؟

لاحظ الجانب الصيني تزايد التوتر في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط في الآونة الأخيرة، ويعتقد دائما أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لحل الملف الليبي بشكل سليم وحقيقي، ولغة القوة طريق مسدود لا يؤدي إلا إلى تداعيات وخيمة. ندعم دفع عملية سياسية بقيادة الأمم المتحدة و"يقودها ويملكها الشعب الليبي"، لمساعدة ليبيا في التخلص من الصراع في أسرع وقت ممكن واستئناف الحوار السياسي وتحقيق السلام الدائم. الأولوية بالمكان هو تغليب مختلف الأطراف المعنية المصلحة الأساسية للشعب الليبي والسلام والاستقرار في المنطقة، والعمل على دفع الأطراف المتنازعة في ليبيا إلى وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن والعودة إلى مسار الحوار والتفاوض.

ظل الجانب الصيني، كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي ودولة كبيرة ومسؤولة، يحرص على إيصال صوته في الأمم المتحدة ومؤتمرات باريس وباليرمو بشأن الملف الليبي وغيرها من المحافل المتعددة الأطراف، ويدعم ويدفع عملية الحل السياسي للملف الليبي. يبقى الجانب الصيني على التواصل مع كافة الأطراف الليبية ويبذل جهودا حثيثة وسلمية لديها. نحرص على بذل جهود إيجابية وبناءة مع الجانب المصري للدفع بالحل السياسي للملف الليبي في يوم مبكر وتعزيز السلام والاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

9 . س: تعد الصين من الدول الداعمة الرئيسية للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ما هي رؤية الصين في الوقت الحالي لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وما تعليقكم على ما يثار بين حين وآخر عن وجود صفقة للقرن؟

يشهد الوقت الراهن استمرار الصراعات بين فلسطين وإسرائيل والغياب التام للثقة المتبادلة وانحراف عملية السلام عن المسار الصحيح، فيشعر الجانب الصيني بقلق شديد.

تعد قضية فلسطين جذرا لاضطرابات الشرق الأوسط وجرحا لضمائر البشر، إذا لم تحل هذه القضية بشكل عادل ومعقول، لا مجال للحديث عن السلم والأمن الدائمين في الشرق الأوسط. قد امتدت هذه القضية لأكثر من 70 عاما، وأتت بمعاناة جسيمة على الشعب الفلسطيني، فيجب ألا تستمر لمدة أطول. سبق للمجتمع الدولي والأطراف في المنطقة أن بذلت جهودا جبارة لتحقيق السلام بين فلسطين وإسرائيل، وتم بلورة توافقات دولية تحظى بتأييد واسع مثل "الأرض مقابل السلام" و"حل الدولتين"، لا بد من التمسك بهذه المبادئ ولا يمكن طرحها في أي صفقة. لا يمكن لفلسطين وإسرائيل، كجارين جغرافيا، الخروج من دوامة العنف والعنف المضاد إلا من خلال حل قضية فلسطين سلميا عبر المفاوضات.

تكون قضية فلسطين قضية سياسية في طبيعتها، فلا يمكن حلها إلا عن الطريق السياسي، الذي يقوم على أساس العدالة والإنصاف ويصغي إلى آراء الأطراف المعنية وخاصة الجانب الفلسطيني. يرى الجانب الصيني ضرورة التمسك بـ"حل الدولتين" كالاتجاه العام، وحل الخلافات بين فلسطين وإسرائيل عبر التفاوض المتساوي وعلى أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبدأ "الأرض مقابل السلام" وغيرهما من التوافقات الدولية. ستعمل الصين كالمعتاد، باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي، على إحقاق الحق وإعلاء الصوت في كافة المحافل الدولية، ودعم القضية العادلة لشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة بحزم لا يتزعزع، ودعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

10. تضخم تقارير مختلفة عن سياسات متشددة للحكومة الصينية تجاه الأقلية المسلمة، وبخاصة قومية الويغور في منطقة شينجيانغ ، ما ردكم على هذه التقارير؟

تعد منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم واحدة من المناطق الذاتية الحكم الخمس للأقليات القومية في الصين، يعيش فيها بوئام 25 مليون نسمة من مختلف القوميات. يعتنق معظم أبناء لعشر قوميات مثل ويغور وهوي دين الإسلام، ويزداد عدد المسلمين باطراد حتى يقارب 60% من إجمالي سكان شينجيانغ. تطبق الصين نظام الحكم الذاتي الإقليمي في المناطق ذات الكثافة السكانية للأقليات القومية، وتلتزم بالمساواة بين كافة القوميات وتنميتها المشتركة، وتضمن ممارسة سلطة الحكم الذاتي في المناطق الذاتية الحكم للأقليات القومية وفقا للقانون، وتكفل الحقوق المشروعة للأقليات القومية. يتضامن أبناء شعب شينجيانغ من كافة القوميات، كما قاله الرئيس شي جينبينغ، كبذور الرمان وكأفراد في عائلة واحدة. يكون جميع رؤساء مجلس النواب والحكومة والمؤتمر الاستشاري السياسي المتعاقبين بالمنطقة من أبناء الأقليات القومية، ويشكل نواب الأقليات القومية 62.1% من مجلس النواب الـ13 للمنطقة، و46.7% من المؤتمر الاستشاري السياسي الـ13. في الوقت نفسه، تنفذ شينجيانغ سياسة حرية الاعتقاد الديني على نحو شامل، وتضمن كامل حرية الاعتقاد الديني لأبناء الشعب من كافة القوميات وفقا للقانون، وتكفل تمتع المواطنين المتدينين بنفس الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين غير المتدينين. يوجد في شينجيانغ أكثر من 24.4 ألف مسجد، يعني لكل 530 مسلم مسجد واحد، كما يوجد فيها معهد العلوم الإسلامية وغيره من 10 معاهد دينية وأكثر من مائة جمعية دينية.

منذ تأسيس الصين الجديدة قبل 7 عقود، حققت منطقة شينجيانغ قفزة تاريخية في التنمية الاقتصادية، إذ ارتفع حجم اقتصادها من 791 مليون يوان صيني في عام 1952 إلى 1.2 تريليون يوان صيني في عام 2018، بزيادة 200 ضعف. وتجاوز إجمالي الواردات والصادرات 20 مليار دولار أمريكي، بزيادة 1481 ضعفا عما كان عليه في عام 1950. مع التطور السريع والمستمر للاقتصاد، شهد أبناء الشعب من كافة القوميات تحسنا تاريخيا لمستوى المعيشة، قد ولت الأيام التي ينقصهم الغذاء والكساء والكهرباء والمياه والمواصلات. سيتخلص جميع أبناء شعب شينجيانغ من كافة القوميات من الفقر في العام الحالي، وينجز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل مع كافة أبناء الشعب الصيني.

يكون الاستقرار شرطا مسبقا للتنمية. ترجع الإنجازات التنموية التي حققتها شينجيانغ اليوم إلى الإجراءات المتخذة في السنوات الأخيرة لمكافحة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار. كانت شينجيانغ تعاني كثيرا من ويلات الإرهاب والتطرف الديني والانفصال. وفقا لإحصاءات غير كاملة، وقعت في شينجيانغ آلاف أحداث إرهابية عنيفة في الفترة ما بين عامي 1990 و2016. في هذا الوضع الخطير، استفادت منطقة شينجيانغ من التجارب الدولية في مكافحة الإرهاب واتخذت خطوات لنزع التطرف وفقا للقانون، بما فيه إقامة مراكز التعليم والتدريب المهني وفقا للقانون، وحققت نتائج جيدة، إذ لم تشهد شينجيانغ أي عمل إرهابي عنيف منذ 3 سنوات، ويعيش أبناء الشعب من كافة القوميات في الأمان والرفاهية وهم يدعمون السياسات والإجراءات المعنية من صميم القلب. لغاية اليوم، قد تخرّج جميع المتدربين المشاركين في تدريب نزع التطرف، ووجدوا الشغل المستقر بمساعدة الحكومة، وبدأوا حياتهم السعيدة.

الحقيقة أبلغ من الكلام، والعدالة تبين نفسها. منذ نهاية عام 2018، قد قام أكثر من ألف أجنبي بزيارة شينجيانغ ضمن أكثر من 70 وفدا، بما فيه الزملاء من جريدة الأهرام، هم شاهدوا الاستقرار والازدهار والتنمية في شينجيانغ، مشيدين بخبرات شينجيانغ في مكافحة الإرهاب ونزع التطرف التي تستحق الاستفادة منها. في أكتوبر عام 2019، أعربت أكثر من 60 دولة، بما فيه أكثر من 30 دولة إسلامية، عن تأييدها للسياسة التي تنتهجها الصين في منطقة شينجيانغ في خطابها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

يحمل بعض وسائل الإعلام الغربية النظرة المنحازة ويغض النظر عن الحقائق الأساسية ويفتعل أكاذيب مختلفة لتشويه الإجراءات التي تتخذها شينجيانغ في مكافحة الإرهاب ونزع التطرف، حتى يزرع بذور الشقاق في علاقات الصداقة بين الصين والدول الإسلامية بنية خبيثة. نثق بأن الشعب المصري وغيره من شعوب الدول الإسلامية سيلتزم بموقف موضوعي وعادل، ولن يخدع ويتضلل بهذه التقارير الخبيثة.

الترويج للأصدقاء:   
طباعة